( اللهم إني أسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك ) .
المحبة هي المنزلة التي يتنافس فيها المتنافسون ، وإليها شخص العاملون ، وإلى عَلَمها شمر السابقون ، وعليها تفانى المحبون ، وبروح نسيمها تروح العابدون ، فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون ، وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات ، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات ، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام ، واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام .. وهي روح الإيمان والأعمال ، والمقامات والأحوال ، التي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه .. تحمل أثقال السائرين على بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها .. وتوصلهم إلى منازل لم يكونوا بدونها أبداً واصليها .. وتبوئهم من مقاعد الصدق مقامات لم يكونوا لولاها داخليها .. وهي مطايا القوم التي مسراهم على ظهورها دائماً إلى الحبيب ، وطريقهم الأقوم الذي يبلغهم منازلهم الأولى من قريب ..
تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة ، إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب .. وقد قضى الله ، يوم قدر مقادير الخلائق بمشيئته وحكمته البالغة ، أن المرء مع من أحب ، فيا لها من نعمة على المحبين سائغة !!
وإذا غرست شجرة المحبة في القلب ، وسقيت بماء الإخلاص ، ومتابعة الحبيب ( الله سبحانه وتعالى ) ، أثمرت أنواع الثمار ، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها ، أصلها ثابت في قرار القلب ، وفرعها متصل بسدرة المنتهى .