التربية القرآنية أولت اهتمام بالفرد والمجتمع من خلال القصص المدونة بين دفتي الذكر الحكيم بهدف إرساء قواعد ثابتة يخطو عليها المرء في حياته متبعاً المنهج السليم ، فهي تتفاعل مع الأحاسيس العليا من خلال الاستماع والقراءة ، وهي إحدى معجزات القرآن الكريم ، والحياة ما هي إلا علاقات اجتماعية مختلفة بين هذا وذاك ، وأغلى تلك العلاقات علاقة الإخوة مع بعضهم البعض التي تغرس في نفوسهم على أساس صحيح منذ الصغر حال كونهم تحت مظلة ورعاية إخوان لنا ، وعلى هذا المبدأ ينشأ الإخوة متحابين ومتعاونين فيما بينهم ،
يحترم كلاً منهم الآخر ، ويخاف عليه من عوامل الزمن ، وتقلبات الحياة ، وكتاب الله الكريم فيه من القصص والعبر بهذا الشأن الكثير ، والتي تدل على أن الأخوة هي رأس مال الحياة ، ولنا في سورة يوسف عليه السلام تأملات نرى من خلالها كيف كان التعامل الأبوي النبوي مع أبنائه عندما فرق بينهم في المحبة ، فنمى في داخلهم الحقد تجاه يوسف عليه السلام ، وأصروا له العداء ، وفعلوا ما فعلوا فكان التعامل الأبوي معهم عكس ما قدموه مستخدماً معهم نهج التسامح ليكون بداية الخير والعفو عن ما مضى ، وكيف أن سيدنا يوسف عليه السلام تعامل مع إخوته بعد كل ما فعلوه معه بعطف وحنان ، وأكرمهم وسامحهم على ما فعلوه ، ومن هنا نستنج أن التلاحم الأخوي يطغى على أي أمر آخر ، فالأخوة كنز يكسبها من عقل ، ويخسرها من جهل في دنيه فانية ليس لها دوام .
والحياة مليئة بالقصص التي تدل على قوة الأخوة عند الوفاق ، وكيف أن ذلك الشيخ برهن لأبنائه أن في الإتحاد قوة ، وفي التفرق ضعف من خلال إعطائهم حزمة من الحطب وطلب من كل واحد منهم أن يكسرها بمفرده فلم يستطيعوا ، ثم أعطى لكل واحد منهم عوداً من تلك الحزمة ليكسره ففعلوا ذلك بسهولة .
فالأخوة تكاتف ... اجتماع ... محبة ... وئام ... تكن مانع منيع لعثرات الزمان إذا اجتمعت على يد واحده .
فالأخوة الصادقة كشجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء لا تتأثر بعوامل الزمن ، فهي كالطبيعة تتغير فصولها كل عام وهي ثابتة .
الأخوة الصادقة أن تعطي أخاك بسخاء ولا تنتظر الرد ، وأن تدعوا له بظهر الغيب مع كل رفعة يد .
اللهم أجمع شمل الإخوة ، ووفق بينهم ، وأبعد عنهم من يريدهم بسوء يا أرحم الراحمين .
ومن أصدق من الله قيلاً { وأجعل لي وزيراً من أهلي * هارون أخي * أشدد به أزري وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيراً * ونذكرك كثيراً * إنك كنت بنا بصيراً }